رحمك الله يا زهرتنا..

الجمعة، مارس ٠٢، ٢٠٠٧

يا وجع في القلب



في رحلتي التي تبدوا لي أبدية متعاقبة كتعاقب اليل و النهار من المنزل الي العمل و من العمل الي المنزل و بداخل مترو الانفاق و حيث لم تتجاوز بعد الساعة العاشرة مساءا وقفت متعلقا بيدي و بأمال في رأسي عن غد أفضل ...و في وسط أزدحام الأفكار و عدم تركيز عيني علي شئ بعينه من تلك الأشياء التي تتحرك أمامي من نافذة المترو جاء صوت من بعيد, يزداد تدريجيا مع الوقت أعرت الصوت ألتفاتة من عيني لأجد فتاة ترتدي النقاب و تحمل علي كتفها حقيبة و في يدها اليمنى تحمل ثلاث قطع من الحلوى (العسلية) مختلفة الشكل .

صوتها و حجمها يعطي أنطباعا عن أنها فتاة ما بين ال 18 و ال22 من عمرها , تنادي في صوت يحمل كثيرا كثيرا من الرسائل و عباراتها كانت (العسلية بربع جنية ال اربعة بجنية حد عايز إن شاء الله ..)كان هناك شيئا مهما هو أن صوتها لم يكن صوت جريئا صادعا كذلك الذي تعودت عليه منذ أن ركبت وسائل المواصلات العامة كان صوتا محرجا مخنوقا حزينا .و كانت حركاتها و هي تسير داخل المترو تنم علي عدم التعود علي حفظ التوازن و السير أثناء حركة المترو و كونها أيضا لم تكن تقطع عربة المترو كلها بل بعد ان سارت هوينا وقفت هوينا أخرى تنادي بذات الصوت و بنفس العبارات (حد عايز إن شاء الله ..العسلية بربع جنية و الأربعة بجنية إن شاء الله) لم تكن لحوحة مثلهم ...فقط كانت حزينة.

سرحت بخيالي أتخيل ما الذي دفع تلك الأنسانة لكي تخرج من بيتها و تتحمل كل هذا من أجل لقمة عيش نظيفة بعيدة عن الحرام لتبحث عن رزق حلال ...الفقر...الجوع ...الحاجة ...و ظروف وطن لم يعد يترك مكانا لمن يريد أن يعيش شريفا ...تذكرت أباها و أمها و كيف هو حالهم و لربما كانت كبيرة أيتام تجري علي أعالتهم ....سقطت من روحي دموعا من دماء علي حال هذا البلد و حال أهله و حال تلك البنت ...

فكرت كيف أساعدها دونما أجعلها تعداد علي التسول و دون أحراج أخرجت من جيبي جنيها و طلبت منها اربعة قالت( عايزهم من انهي نوع ) قولت لها( أي حاجة) فتحت حقيبتها بحركة تنم علي أرتباك و غير تعود و أخرجت قطعة أخرى لتضيفها للثلاث قطع بيديها لتمدها الي من بعيد خشية ان تلمس يدها يدي ( علي الرغم من أرتدائها لقفاز) مسكت الحلوى من طرفها لانقذ يدها المرتعشة .

و جأت المحطة التالية و نزلت من المترو , و لم تنزل من ذاكرتي و من عقلي ...

آه يا وجع القلب علي وطن و أناس قهرهم الفقر و الغلاء و عصرتهم الحاجة ..أدركت نعمة الله علي و علي أسرتي ....و لم يفارقني ألم الضمير إذ أني لم أشتري كل ما في حقيبتها .....خمسون جنيها علي الأكثر كانت ستفي بالغرض ...و لكن سيبقي التساؤل هل كانت تلك الخمسون جنيها كفيلة لأن تريح ضميري ؟؟

هناك ٤ تعليقات:

زحل الفلكي يقول...

اااااااااااااااااااه

وجعتيني اوي
وبجد القصة دي اثرت فيا اوي

وتأثر كمان في كل اللي يقراها
المفروض يشوفها
اللي اتوجع من كتر الاكل

وبرضه بيدور على الرزق
بس بالحرام
:(

انا سعيد اوي اني دخلت مدونتك
مش عارف جيت ازاي
بس الاحساس وصلني اوي اوي

wayfarer يقول...

سوبرنوفا
لن أقول أني سعيد لأن ما شعرت به شعر به غيري و لكني سأقول جيد أن نشعر كلنا بما يدور هناك تحت أقدامنا و بجوارنا و لا ندركه بدعوى الأنشغال و الحياة
هناك من هم في هذة الحياة يحتاجون لأكثر من أن تتوجع علينا قلوبهم و لكن هي خطوة و يبقى أن ندركهم نشعرهم نعلمهم نقف بجوارهم لنقول لهم كلمة واحدة لستم وحدكم بل كلنا أنتم
أتمني أن تتكرر زياتك لمدونتي و شرفت بها و سعدت أكثر بتعليقك
و اتمني ان لا يكون أخر تعليق لك بمدونتي

NoOoN يقول...

لكل انسان على وجه الأرض قصة لم تروى، قد تكون حياة هذه الشابة بالمأساة التي تتصورها وقد لا تكون
هذه الحياة ، كل ما نستطيع فعله هو الدعاء لها ولأمثالها
في أمان الله

wayfarer يقول...

نور
بالفعل قد يكون ما كتبته تصور و لكن حتى لو يبقي أنها نزلت الي الشارع تحمل هموم البحث عن لقمة العيش الحلال تستجديها من عطف الاخرين و كم فتاة مثلها و كم من أخريات أنحرفن بعد ان لم يجدن سوى الانحراف طريقا يسيرا يجلب لقمة العيش
و لكن في النهاية كلنا مسؤلون عن من أنجرف و من لم ينجرف مع أختلاف درجات المسئولية بالفعل الدعاء هو من أهم ما نستطيع أن نفعلة و لكن لا يجب أن نقف عند حدود الدعاء
يجب أن نتغير كلنا و أنا أولكم
فمن يشتكي من غلاء كروت اتصال المحمول ليس كمن يشتكي من غلاء رغيف الخبز
نورا سعدت بزيارتك لمدونتي و اتمني تكرارها و تكرار التعليق