رحمك الله يا زهرتنا..

الجمعة، نوفمبر ٠٣، ٢٠٠٦

بلغة الطفولة

صورة حقيقية للأجندة


لم يكن يضاهي سعادتي الغامرة سعادة حينما وجدت دفتري المكون من اثنا عشرة ورقة وغلاف..الورق الداخلي كان مسطرا , أما الغلاف فكان ورقة بيضاء.. وكل هذه الورقات قصت علي شكل قلب كبير , و أنا من كان قصها بهذا الشكل.. و رسمت وقتها علي الغلاف قلوب.. كل منها داخل الأخر , بداية من الحد الذي قصصت عنده الورقة إلي قلبها.. حيث رسمت كلمة سنة يتوسطها رقم 95 علي شكل شمعة.. و قمت بتدبيس الورق من الناحية اليمنى.نعم كل هذه الخطوات تراءت أمام عيني كأنني أشاهد فيلما سينمائيا قديما..رفعت دفتري من علي الأرض و قد علاه التراب و أصفرت أوراقه و قد ثني بعضها بشكل أفقده جمال المنظر.. و لكن دفتري لا زال يحمل جمال الجوهر..يحمل ذكرياتي دفتري جزء مني فقدته يوما و قد عاد إلي..أسرعت فدسسته في جيبي ; فلم يكن الوقت مواتيا لأفتحه ; فلقد كنا جميعا منهمكين بنقل أثاث الشقة لمدينة أخري خارج القاهرة حيث ستوضع تلك المكتبة الضخمة التي طالما جلست عليها لأذاكر و أقوم بواجباتي المدرسية.. و التي أخفت خلفها -أيضا- هذا الدفتر لمدة وصلت إلى ست من السنوات..و حيث أنها كانت عصية علي التحريك فلقد كان قرار نقلها هو السبب الوحيد الذي جعلني أكتشف أين فقدت دفتري.بعد أن نقلنا الأثاث و حصلت علي قسط وافر من النوم , و قبله قسط أوفر من الطعام فتحت عينيِِ و غادرت سريري إلي أحد الكراسي في الغرفة حيث عادة ما أضع ثيابي في أي مكان.. أخرجت دفتري و قرأت
(الورقة الأولى)
بسم الله الرحمن الرحيم
سجل أهم حدث في الشهر في الورقة المخصصة
لهذا الشهر و حتى تكون ذكريات جميلة
و شكرا
نعم هذا ما كتبته لنفسي و كأنني أخاطب شخصا آخر..أعتقد أنني وقتها لم أكن أفكر في أن هذا الدفتر لي.. بل هو بمثابة دفتر كنت أود أن أجده في الأسواق و لذا فإنه يخاطب كاتبه.
الورقة الثانية:كلمة يناير تعلو يمين الصفحة و يدنوها خط صغير
بسم الله الرحمن الرحيم
إلي أعز صديقي : محمد
إني أتمني لك : مستقبل باهر و جميل
في عام 1995 و أتمنى لك السعادة
و التوفيق و كل سنة و أنت
بخير
أختك إيمان
(بشكل فورمه)
إيمان..نعم إنها إيمان ذات الحركة الدائمة , و الوجه الجميل , و الشعر المرسل..تلك الطفلة المتحركة النشيطة الضاحكة التي كانت لا تعرف معني للهدوء و لا للسكون.
الورقة الثالثة
بسم الله الرحمن الرحيم (بين قوسين جميلين)
إلى صديقي العزيز محمد بعد التحية أرجو من كل قلبي أن تنجح
و تتفوقو أرجو أن تتفوق في دراستك و حياتك و كل عام
و أنت بخير
من صديقتك شيماء
نعم شيماء بنت الأستاذ حسن مدرس الرياضيات.. و الذي لم أكن أحبه علي الإطلاق -علي الرغم من كونه لم يكن يدرس لي في فصلي - و لكنه كان المدرس المسئول عن الشرطة المدرسية , و كان دائما غليظ التعامل..و قد ورثت منه شيماء تفوقا دراسيا..لم تكن شيماء في جمال إيمان.. و لكنها كانت مثال للطالبة المتفوقة الغيورة علي تفوقها و تجد في تفوقها آداتها في التميز .
شيماء و إيمان و أنا و آخرون كنا أطفالا في المرحلة الخامسة الإبتدائية.. نعيش ببراءة الندي و أحلام الطفولة..لم نكن مثل الأجيال الحالية التي لوثتها مسلسلات الكارتون العنيفة و الخيالية و المليئة بالتخاريف و لم نكن نعرف (الفيديو كليب) و ليس لدينا أجهزة كمبيوتر..كانت أحلامنا و رسومنا و دفاترنا هي حياتنا و تسليتنا..حقا لم نكن ملوثين.
دفتري كم أحب فيك الكلمات و هذا الحب الذي يخرج من بينها..حب نقي برئ..حب كتب "بلغة الطفولة".

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

الطفولة..
تلك الكلمة الرقيقة الغضة..
أو فلنقل تلك المرحلة الرقيقة الغضة
مرحلة اللهو واللعب بلا سؤال
مرحلة اللا مسئولية
مرحلة اليسر لا عسر


كلما تذكرت أيام طفولتي.. انتابني شعور بالنشوة عجيب
هو نفسه الشعور الذي ينتابني حين أستمع إلي أغنية "بابا حبيبي ماما حبيبتى" للبلبة
هو نفسه الذي ينتابني حين أتذكر أيامي مع رفاق طفولتي
وهو نفسه الذي انتابني حين مررت منذ أيام بجوار مدرستي القديمة..

وأنا لست معك في أن أطفال اليوم يفتقدون البراءة التي ملكناها يوما.. ولكنها فقط -براءتهم- تختلف عن براءتنا.. وهذا أمر طبيعي يتماشى مع كل شيء تغير من حولنا
ويوما ما أيضا سيقفون مع أنفسهم الوقفة ذاتها التي وقفتها أنت..
ويقولون" حقا لم نكن ملوثين"